تُعد التحديات النفسية التي يواجهها الطلاب المتأثرون بالنزاع والنزوح، خاصة بعد الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وسوريا، شائعةً إلا أنها نادرًا ما تحظى بالدعم اللازم. وإدراكًا لهذه الحاجة، نظمت جسور مؤخرًا ورشة عمل حول الصحة النفسية لطلابها الجامعيين والثانويين، قدمتها الدكتورة ألكسندرا تشن، وهي أخصائية نفسية في مجال الصدمات وعضو في مجلس أمناء جسور. كان الهدف من الجلسة هو تزويد الطلاب بأدوات آمنة وقيّمة لإدارة صحتهم النفسية والتعامل مع التوتر والصدمات الناجمة عن تجارب حياتهم.
مع بدء الجلسة، طُلب من الطلاب مشاركة احتياجاتهم ومخاوفهم ذات الأولوية. وشملت هذه المخاوف الكفاح مع الخوف والقلق والتوتر والصدمات والأرق ونوبات الهلع، وعلى وجه الخصوص، الشعور بذنب الناجي. وكانوا حريصين على تعلم كيفية معالجة الأحداث الصادمة ومشاعر العجز، والحفاظ على ملكية روايتهم وحياتهم. كان هذا مهمًا بشكل خاص لأن تدهور صحتهم النفسية بدأت تؤثر أيضًا على أدائهم الأكاديمي.
"من السهل أن ننسى أن الطلاب المتفوقين غالبًا ما يحملون أعباءً عاطفية ثقيلة - فمن ناحية، يُعد طلابنا أمثلة رائعة على النجاح والمرونة. من ناحية أخرى، يمكن أن ينشأ التوتر والشعور بالذنب بشكل طبيعي من ازدواجية السعي لتحقيق النجاح والتمتع بحياة أفضل بينما تعاني عائلاتهم ومجتمعاتهم يوميًا من الظلم أو انعدام الأمن. يتمثل دورنا في توفير مساحة لهم للبحث عن إجابات، وعدم تركهم يشعرون بأنهم محاصرون في ضغط الأداء العالي." - د. ألكسندرا تشن
استجابةً لاحتياجات الطلاب، شاركت الدكتورة تشن رؤىً ذات صلة من علم التوتر بالإضافة إلى أدوات عملية للتنظيم العاطفي، وشفاء الصدمات، والتوازن النفسي. أولاً، بدأت بشرح الاختلافات بين الخوف والتوتر والقلق والصدمة وكيف يمكن لهذه التجارب العاطفية أن تتداخل بشكل مختلف مع الحياة اليومية - بما في ذلك النوم والنظام الغذائي - بالإضافة إلى الأداء الأكاديمي، مثل التحفيز والأداء المعرفي. تعلم الطلاب أن هذه الاستجابات العاطفية والفسيولوجية هي ردود فعل طبيعية لمواقف غير طبيعية. كما اكتشفوا كيف يشعرون بهذه التفاعلات العاطفية في الجسم وكيف يتم التعبير عنها غالبًا بشكل نفسي، بما في ذلك الصداع وآلام المعدة وآلام الظهر، بالإضافة إلى خفقان القلب وتوتر العضلات والتعب.
بالإضافة إلى ذلك، تلقى الطلاب خطوات عملية لإنشاء حدود لمحفزات الصدمات (مثل الحد من التعرض لمواقع التواصل الاجتماعي التي تعرض محتوىً صادمًا)، وتحديد الأفكار السلبية عن الذات، وإدارة الشعور بالذنب تجاه الناجين، والحد من نوبات الهلع. أكدت الجلسة على أهمية الرعاية الذاتية: بما في ذلك نصائح للحصول على نوم جيد، واعتبارات غذائية لتعزيز الصحة النفسية، والفوائد الكيميائية العصبية لممارسة الرياضة بانتظام. قرب نهاية الجلسة، تم إرشاد المشاركين من خلال بعض تقنيات التنفس والتأمل والتمدد القصيرة ولكن الفعالة التي يمكنهم القيام بها في المنزل للمساعدة في تهدئة العقل وتقليل القلق.
كانت ورشة عمل الصحة النفسية مفيدة للطلاب للتعامل مع المشاعر الصعبة، وجاءت في الوقت المناسب بعد الزلزال مباشرةً. أفاد الطلاب أن امتلاك الأدوات اللازمة للعناية بأنفسهم بشكل أفضل عقليًا يعني أنهم قادرون على التركيز بشكل أكبر على دراساتهم وأهدافهم وتنميتهم الشخصية وأن يشعروا بالقوة أكاديميًا وشخصيًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن القدرة على القيام بذلك في ورشة عمل مع طلاب آخرين تطمئنهم أنهم ليسوا وحدهم وأن صراعاتهم مشتركة.
"كطلاب في بلد أجنبي، غالبًا ما نهمل صحتنا النفسية بسبب جداولنا المزدحمة. وفرت ورشة العمل مساحة آمنة لنا للتعبير عن مخاوفنا ومناقشة التحديات التي نواجهها. شخصيًا، ساعدتني على إدراك أهمية الاهتمام بصحتي النفسية، ووجدت الأدوات والآليات التي قدمتها الدكتورة تشن مفيدة للغاية في التعامل مع المشاعر السلبية، خاصة بعد الأحداث الكارثية الأخيرة في سوريا. لم يكن من الممكن أن تأتي ورشة العمل في وقت أفضل، وأنا سعيد جدًا بمشاركتي فيها." - لينا عثمان، طالبة جسور
تهدف جسور إلى توفير بيئة آمنة وداعمة حيث يمكن للطلاب الازدهار أكاديميًا وشخصيًا. وفقًا لذلك، بالإضافة إلى ورش العمل هذه، حرصت جسور في السنوات الأخيرة أيضًا على أن يتمكن جميع طلابنا من الوصول إلى مستشار حساس ثقافيًا لتلقي الدعم الفردي إذا لزم الأمر.
"تلتزم جسور بدعم الصحة النفسية لطلابنا. نريد أن نضمن أن لديهم الأدوات المناسبة للتعرف على ما يشعرون به وتنفيذ آليات صحية للتكيف والشفاء. قدمت الدكتورة تشن رؤيةً لا تقدر بثمن لطلابنا." - سارة شديد، رئيسة قسم المنح الدراسية في جسور
أخيرًا، لدعم الطلاب على المدى الطويل، تتاح للطلاب الفرصة للانضمام إلى قناة تيليجرام حيث تقدم الدكتورة تشن نصائح حول الصحة النفسية باللغة العربية. القناة مفتوحة للجميع، وتأمل جسور أن تساعد في تعزيز الوعي بالصحة النفسية وزيادة المرونة النفسية والاجتماعية داخل مجتمعنا الأوسع.
