تجسّد قصة سدرة رسلان، إحدى الحاصلين على منحة جسور، قوة الشبكات المهنية وكيف استطاعت توظيف شبكة علاقاتها للحصول على وظيفة أحلامها في شركة "هيوليت باكارد" (HP) بعد إتمامها درجة الماجستير في البيئة الاقتصادية والاجتماعية من جامعة برشلونة المستقلة. رحلة سدرة هي قصة مرونة وشغف والتزام عميق برد الجميل. من جذورها السورية إلى دورها الحالي في HP، تمثل سدرة نموذجاً لقوة التعليم والشبكات المجتمعية في صنع التحوّلات.
تبدأ رحلة سدرة باسمها، الاسم الذي لم تكن تحبه ذات يوم لكنها تعتز به اليوم كجسر بين الثقافات: "في كل لغة، هناك معنى لاسم سدرة"، تقول. هذا الارتباط بالإنسان والمجتمعات شكل حياتها، وقادها إلى مسار مهني تُعتبر فيه بناء الشبكات وتمكين المجتمعات في الصميم.
من الصيدلة إلى الاستدامة
سلكت سدرة مساراً أكاديمياً غير متوقع. بدأت بدراسة الصيدلة، مدفوعة بحبها للعلوم والكيمياء، لكن عملها التطوعي المكثف جعلها تشك في مسارها المهني: "أدركت أن ما أريد القيام به بدوام كامل هو ما كنت أفعله في وقت فراغي". قادها هذا الإدراك إلى دراسة الماجستير في "الدراسات متعددة التخصصات في الاستدامة الاجتماعية والبيئية" في جامعة برشلونة المستقلة، وهو البرنامج الذي اكتشفته عبر جسور، مما سمح لها بمواءمة خلفيتها الأكاديمية مع شغفها بالتغيير الاجتماعي.
قوة الشبكات المهنية
حققـت سدرة نقلة مهنية عبر توظيف شبكة علاقاتها التي بنتها على مرّ سنوات من التطوع وتنظيم الفعاليات. أثناء بحثها عن عمل، أعادت الاتصال بامرأة التقتها في ورشة عمل بسويسرا قبل سنوات، وكانت هذه العلاقة بوابة وظيفتها الحالية في HP: "دافعت عني بقوة"، تتذكر سدرة. "أريد الآن أن أمنح لشخص آخر الفرصة التي منحتها إياها". تؤكد قصتها أهمية بناء العلاقات المهنية، خاصة في عالم يتسم بالعولمة.
تعمل سدرة اليوم في HP، الشركة العالمية الرائدة في التكنولوجيا، حيث تساعد الشركاء على دمج الاستدامة في عملياتهم، كما تشجعهم على المشاركة في العمل التطوعي ودعم المنظمات المحلية حول العالم: "لطالما أحببت العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية"، تقول سدرة. "الآن، حولت هذا الشغف إلى وظيفتي الدائمة".
التزام قديم بالعمل المجتمعي
بدأ التزام سدرة بالعمل الاجتماعي في سوريا، حيث تطوعت في قضايا تتراوح بين حقوق المرأة وتمكين الشباب. وفي 2019، شاركت في تأسيس فريق شبابي دولي تحت مظلة منظمة "مبادرات التغيير"، الذي يركز على التنمية الذاتية وتمكين الشباب.
من خلال هذه المبادرة، نقلت سدرة القصص السورية إلى منصات دولية، ودعت شباب سوريين للمشاركة في مؤتمرات عالمية: "السوريون متحمسون دائماً لاغتنام الفرص"، تلاحظ سدرة، مشيرة إلى معدلات المشاركة المرتفعة في فعالياتها.
رد الجميل لسوريا
رغم عيشها خارج سوريا، تبقى سدرة ملتزمة بدعم وطنها: "هذا واجبي"، تقول. مستلهمة فكرة تخصيص 5% من وقتها لقضايا سورية، تبحث سدرة عن مشاريع تمكّن الشباب وتعزز الاستدامة: "حان الوقت المثالي للعمل في سوريا"، تقول، في إشارة إلى التغيرات الأخيرة. "الحاجة كبيرة، والناس مستعدون للمساعدة".
تتطلع سدرة إلى مستقبل تساهم فيه بتمكين الشباب وتعزيز الاستدامة في سوريا، وتخطط لرعاية طالب آخر لدراسة الماجستير، كما فعلت جسور معها: "غيّرت جسور حياتي"، تقول. "أريد منح هذه الفرصة لشخص آخر". هدفها الأكبر هو مساعدة الشباب السوري للتواصل مع العالم وإعادة بناء بلدهم: "لم نعد نُنظر إلينا كلاجئين فقط"، تؤكد. "هذه لحظة حاسمة لدفع سوريا إلى الأمام".تمثل قصة سدرة رسلان إثباتاً لقوة التعليم والشبكات المهنية والإصرار. من أيامها الأولى كمتطوعة في سوريا إلى دورها الحالي في HP، ظلت وفية لقيمها ملتزمةً بصنع الفرق.