في غرب البقاع بلبنان، يتجه التوأمان ألين وأسيل عبد الجليل (6 أعوام) يداً بيد نحو فصلهما في مركز جب جنين التعليمي التابع لجسور، بينما تحمل حقائبهما دفاتر مليئة بالحروف والأحلام. وُلدتا كلاجئتين في لبنان بعد أن فرّ والداهما من الحرب في سوريا، فحملت رحلتهما بصمات المعاناة، ولكن أيضاً بصيص الأمل والمرونة وقوة التعليم.

عائلة اقتلعتها الحرب
والدتهما، شفاء خريطة، التي كانت تدرس الأدب العربي في جامعة دمشق وتحلم بأن تصبح معلمة، وجدت نفسها بعد النزوح إلى لبنان عاجزة عن العمل قانونياً، بينما عانت العائلة لتأمين أبسط ضروريات الحياة.
"تركتُ كل شيء ورائي: منزلي، ذكرياتي، مستقبلي"، تتذكر شفاء. "لكن أصعب شيء كان خوفي أن تكبر بناتي دون تعليم".
كل شيء تغير عندما عثرت شفاء على جسور. لم توفر المنظمة فرصة عمل لها كمدرسة فحسب، بل منحت بناتها أيضاً تعليماً نوعياً كان سيبقى حلماً بعيداً.
"في لبنان، حتى لو سمح للأطفال اللاجئين بالالتحاق بالمدارس الحكومية، فإن الفصول مكتظة والنظام التعليمي منهك"، توضح شفاء. "أما في جسور، تحصل بناتي على اهتمام فردي، بيئة آمنة، ومنهاج يعدّهن للمستقبل".

أحلام تُحلق
بالنسبة لألين وأسيل، "جسور" ليست مجرد مدرسة، بل هي عالم تُحلق فيه مخيلاتهما. رغم تشابههما، يختلف شغف التوأمين تماماً. أسيل، الأكثر جرأة، تحلم أن تصبح معلمة مثل أمها:"أريد مساعدة الأطفال الآخرين على التعلم، مثلما تساعدني معلماتي"، تقول بابتسامة مشرقة. أما ألين، فتقضي وقتها في رسم لوحات ملونة للزهور والمنازل وعائلتها. "عندما أكبر، أريد أن أصبح فنانة"، تقول بخجل.
بينما تشاهد الأم بناتها يكتسبان الثقة يومياً، تقول بفخر: "التعليم هو طريقهما الوحيد للأمام. لولا جسور، لربما ضاع مستقبلهما. أما الآن، فقد صار لديهما فرصة لبناء المستقبل الذي حُرمناه في سوريا".

عائلة وجدت الأمل
قصة عائلة عبد الجليل هي نموذج للتحدي. رغم قسوة النزوح، وجدت شفاء معنى حياتها في التدريس، بينما وجدت ابنتاها مكاناً تُروى فيه بذور أحلامهما. "لم تقدم جسور لي وظيفة فقط، بل أمنت لبناتي شريان حياة"، تقول شفاء. "فالتعليم للأطفال اللاجئين ليس مجرد قراءة وكتابة، بل هو أمل، فرصة، وإيمان بأنهم قادرون على تحقيق المستحيل".بينما تواصل ألين وأسيل رحلتهما مع "جسور"، تظل قصتهما تذكيراً بأن التعليم، حتى في أحلك الظروف، يبقيل نوراً يضيء الطريق إلى المستقبل.